جميل
عدد الرسائل : 755 تاريخ التسجيل : 01/09/2006
| موضوع: العمل بالسنة.. (*) السبت 18 نوفمبر - 11:29 | |
| العمل بالسنة.. (*) أ.د. عبد الله بن محمد الطيار 27/10/1427 18/11/2006 التعريف بالسنة: تعريف السنة في اللغة: السنة في اللغة هي الطريقة والسيرة حسنة كانت أم قبيحة (1)أما تعريفها في الاصطلاح: هي ما كان عليه النبي –صلى الله عليه وسلم- وأصحابه علما وعملا واعتقادا أو قولا وهي السنة التي يجب اتباعها ويحمد أهلها ويذم من خالفها، وبهذا قيل: فلان من أهل السنة أي من أهل الطريقة الصحيحة المستقيمة المحمودة (2). قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: والسنة هي الطريقة المسلوكة فيشمل ذلك التمسك بما كان عليه –صلى الله عليه وسلم- وخلفاؤه الراشدون: من الاعتقادات والأعمال والأقوال، وهذه هي السنة العامة (3). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: السنة هي ما قام الدليل الشرعي عليه بأنه طاعة لله ورسوله سواء فعله رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أو فعل في زمانه أو لم يفعله في زمانه لعدم المقتضي حينئذ لفعله أو وجود المانع منه (4). يتبين لنا من أقوال الأئمة السابقين أن السنة هي اتباع آثار النبي –صلى الله عليه وسلم- التي جاءت إما عن قول وإما عن فعل أو تقرير منه –صلى الله عليه وسلم- فيدخل في ذلك ما كان منها واجبا أو مستحباً وكذلك اتباع سبيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار كما قال –صلى الله عليه وسلم- "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي" (5).
وجوب العمل بالسنة: أمر الله عباده المؤمنين عند التنازع في أمر من أمور الدين أن يحيلوه إلى كتابه سبحانه وإلى سنة رسوله –صلى الله عليه وسلم- فقال جل في علاه: "فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول" [النساء:59]. وانظر إلى قوله: "والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر" فكأنه سبحانه وتعالى جعل ذلك شرطاً من شروط الإيمان به –سبحانه وتعالى- بل بين -سبحانه وتعالى- أتم البيان أنه لا تتم طاعته –سبحانه وتعالى- إلا بتمام طاعة النبي –صلى الله عليه وسلم- فقال: "من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا" [النساء:90]. قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: ((يخبر تعالى عن عبده ورسوله محمد –صلى الله عليه وسلم- بأنه من أطاعه فقد أطاع الله ومن عصاه فقد عصى الله وما ذاك إلا لأنه ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى إلى أن قال رحمه الله وقوله تعالى: "ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظاً" أي ما عليك منه إن عليك إلا البلاغ فمن اتبعك سعد ونجا وكان لك من الأجر نظير ما تحصل له، ومن تولى عنك خاب وخسر وليس عليك من أمره شيء)) (6). ومن زعم أنه محب لله –سبحانه وتعالى- فقد جعل الله –سبحانه وتعالى- محبته مقرونة باتباع واقتفاء آثار النبي –صلى الله عليه وسلم-، فمن زعم أنه محب لله ثم لم يتبع النبي –صلى الله عليه وسلم- فزعمه باطل، قال الله تعالى: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم" [آل عمران:31]. قال الحسن البصري رحمه الله: زعم قوم محبتهم لله تعالى فابتلاهم الله تعالى بهذه الآية. قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: هذه الآية حاكمة لكل من ادعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله كما ثبت في الصحيح عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "فمن عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" (7)بل أمر الله بالأخذ بسنته وما يأمر به والانتهاء عما ينهى عنه والأمر في ذلك يقتضي الوجوب قال الله تعالى: "وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا"[الحشر:7]. أي مهما أمركم به فافعلوه وما نهاكم عنه فاجتنبوه فإنه إنما يأمر بخير وإنما ينهى عن شر. والأدلة من القرآن مستفيضة في وجوب العمل بسنته –صلى الله عليه وسلم-، أما دلالة السنة على وجوب العمل بها فهي كثيرة أيضا منها: (1) عن أبي هريرة –رضي الله عنه-: عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "دعوني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم" (.
<BLOCKQUOTE> [size=16]. (2) عن أبي نجيح العرباض بن سارية –رضي الله عنه- قال: وعظنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- موعظة بليغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا: يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصانا فقال:"أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة" (9). (3) ومن أدلة وجوب العمل بالسنة ما رواه البخاري عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى" (10). وأدلة السنة أيضا مستفيضة في وجوب العمل بها. الآثار المروية عن السلف في وجوب العمل بالسنة: وهكذا فهم سلف الأمة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان أن السنة يجب العمل بها وأنه لا غنى عنها بل كانوا يعظمون العمل بها وهذه بعض الآثار التي جاءت عنهم: ما روي عن عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- أنه قال: لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله. قال فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب فقالت: يا أبا عبد الرحمن بلغني أنك لعنت كيت وكيت فقال: وما لي لا ألعن من لعنه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ومن هو في كتاب الله، قالت: إني لأقرأ ما بين اللوحين فما أجده، قال: إن كنت قارئة لقد وجدتيه أما قرأت: "وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" قالت بلى، قال: فإنه قد نهى عنه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ، قالت: إني لأظن أهلك يفعلون ذلك، فإذا هي فانظري، قال: فدخلت فلم تر شيئاً قال: فقال عبد الله: لو كانت كذلك لم نجامعها (11). وعن عبد الرحمن بن يزيد: أنه رأى محرما عليه ثيابه، فنهى المحرم فقال ائتني بآية من كتاب الله تنزع ثيابي قال فقرأ عليه : "وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا". عن هشام بن حجير قال: كان طاووس يصلي ركعتين بعد العصر فقال ابن عباس: اتركها، فقال: إنما نهي عنهما أن تتخذ سنة، فقال ابن عباس: قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة بعد العصر، فلا أدري أتعذب عنها أم تؤجر لأن الله تبارك وتعالى قال: "ومــا كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورســوله أمرا أن يكــون لهم الخيــرة من أمرهم" (12).
التحذير من مخالفة السنة حذر الله تعلى عباده المؤمنين من مخالفة نبيه –صلى الله عليه وسلم- وبين خطورة هذا الفعل في كثير من آياته –سبحانه وتعالى- قال الله تعالى:"فليحذر الذين يخافون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم" [النور:63]. قال الإمام أحمد رحمه الله: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته يذهبون إلى رأي سفيان والله تعالى يقول :"فليحذر الذين يخافون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم" أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك (13). قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: "فليحذر الذين يخافون عن أمره" أي عن أمر رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته فتوزن الأقوال والأفعال بأقواله وأفعاله فما وافق ذلك قُبل وما خالف فهو مردود على قائله وفاعله كائنا من كان كما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أنه:"من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد". أي فليحذر وليخش من خالف شريعة الرسول باطنا وظاهرا "أن تصيبهم فتنة" أي في قلوبه من كفر ونفاق وبدعة "أو يصيبهم عذاب أليم" أي في الدنيا بقتل أو حد أو حبس أو نحو ذلك... انتهى (14). ففي هذه الآية تهديد ووعيد لمن خالف ما كان عليه النبي –صلى الله عليه وسلم- سواء أكان ذلك بزيادة أم نقص، وقد استدل بهذه الآية كثير من أهل العلم على أنه لا يجوز لأحد كائنا من كان أن يزيد أو ينقص عما جاءت به نصوص السنة. قال الإمام الشاطبي رحمه الله في كتابه الاعتصام: حكى عياض عن سفيان بن عيينة أنه قال سألت مالكا عمن أحرم من المدينة وراء الميقات، فقال: هذا مخالف لله ورسوله وأخشى عليه الفتنة في الدنيا والعذاب الأليم في الآخرة أما سمعت قول الله تعلى: "فليحذر الذين يخافون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم" وقد أمر النبي أن يهل من المواقيت. وحكى ابن العربي عن الزبير بن بكار قال: سمعت مالك بن أنس وأثاره رجل فقال يا أبا عبد الله من أين أحرم؟ قال: من ذي الحليفة من حيث أحرم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فقال: إني أريد أن أحرم من المسجد من عند القبر، قال: لا تفعل فإني أخشى عليك الفتنة فقال:وأي فتنة في هذه إنما هي أميال أريدها، قال: وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصّر عنها رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إني سمعت الله يقول :"فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم". يتبع</BLOCKQUOTE>
عدل سابقا من قبل في السبت 18 نوفمبر - 11:40 عدل 3 مرات | |
|
جميل
عدد الرسائل : 755 تاريخ التسجيل : 01/09/2006
| |