استــيــقـظ من غــفــلــتــك...
استيقظ من غفلتك
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، أما بعد
أيها الإنسان ـ وكلنا ذلك الإنسان ـ استيقظ من غفلتك ، وهُبّ من رقدتك ، قد آن أن
يدعى إليك الطبيب بجميع الدواء ، فلا يُرجى مما نزل بك الشفاء ، ثم يقال : فلان
قد أوصى وجميع ما له قد أحصى ، قد تبرأ من الدنيا وعلائقها ، وأقبل إلى الآخرة
وحقائقها ، ثم ضعُف جنانُك ( أي قلبك ) وثقُل لسانك ، وانقطع عنك كلامك فلا تكلم
إخوانك ، وكثرت خطوبك ، وعظمت كروبك ، إذا عُرضت عليك عند كشف الغطاء
ذنوبك ، واشتدت الأحزان ، وعلا صراخ النسوان ، وحزن الصديق الودود ، وفرح العدو
الحسود ، ثم يقال لك : هذا ولدك الصغير وهذا الكبير ، وهذه بنتك الكبرى ، وهذه
شقيقتها الصغرى ، فلا تردّ عليهم جوابا ، ولا يستطيع لسانك خطابا ، ثم اشتد بك
النزع والسياق ، إذا التفت الساق بالساق ، وانتزع ملك الموت روحك الضعيف ،
وعرج به إلى مولاك الرب اللطيف ، يجازيك على ما قدمت في سالف الأيام ،
ويسألك عما اكتسبت من الحلال والحرام ، وأُمر بك إما إلى جنة عالية ذات نعيم
وخلود ، وإما إلى نار حامية ذات جحيم ووقود ، وزُودت من مالك حنوطا وكفنا ، ونزلت
في رمسك ( أي قبرك ) بعملك مرتهنا ، وانصرف أهلك لقسمة ما خلفت من الأموال
، وما سعيت فيه من الحرام والحلال .
أبقيت مالك ميراثا لوارثه *** فليت شعري ما أبقى لك المالُ
القوم بعدك في حال يسرهم *** فكيف بعدهم صارت بك الحال
ملّوا البكاء فما يبكيك من أحد *** واستحكم القيلُ في الميراث والقالُ
مالت بهم عنك دنيا أقبلت لهم *** وأدبرت عنك والأيام أحوال
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم